الأدب الإسلامي

 

رسالة من الرياض إلى بغداد

 

 

شعر: الأستاذ صالح بن حمد المالك

أختي الغالية بغداد حفظك الله وصانك من شر أعدائك وجهل أبنائك وأعاد إليك الأمن والأستقرار.

  

 

  

 

 

لماذا الخلافُ بني دجلة

وقتلُ التسامحِ والألفة؟

لماذا العداءُ وهذا الجفاء

وزرع القطيعةِ والجفوة؟

أهذا الذي سيُعيد البلاد

إلى مركزِ المجدِ والقوة؟

أهذا الذي سيُقرِّ السلام

ويطرد جندَ المحتلة؟

وفيمَ الخصامُ وفيه الأذى

لكل العراقِ وللأمة؟

وفيما القتال بني الرافدين

وفيه لكم خطرُ النكبة؟

ومن أجل ماذا نرى بعضَكم

يكيد لبعض بلا رحمة

تعاطون كأس الردى بينكم

بسهم مميت وبالطعنة

ومن ذا يساء إذا ما نما

قتالٌ على طاهر التربة؟

أغيرُ بنيكم وإخوانِكم

أغيرُ بني العم والعمة؟

فهم من كوتْهم لظى حربِكم

وكانوا الوقودَ لذي الهجمة

ومن ذا نراه يكونُ سعيدا

بهمِّ المساجد والحوزة؟

بدكِّ البيوت على أهلها

بدون اتقاءٍ ولا رأفة

أغيرُ عدوٍ لدود حقود

خبيث المقاصد والنية؟

يخطِّط أمرًا مُضِرًّا بنا

ونحن عن الأمر في غفلة

وخطته أن نُسَاق إلى

قتال الأحبة والعصبة

قتال يروِّع أشياخنا

ويرهب مِرْضِعة الطفلة

ويهدم كل الذي شاده

جدودٌ تساموا عن الذلة

وأن نستمر على عجزنا

ونخضع للرأي والرغبة

*  *  *

بني أمتي في العراق دماء

تسيل ببغداد والبصرة

حروبٌ يؤجِّج نيرانهَا

عديمُ النباهة والفطنة

ينفِّذ رغبةَ محتله

عدُّو التشيع والسنة

ومن جاء مستكبرًا غازيا

وجار وأفسد بالغزوة

وأضرم نارًا على أرضكم

ستقضي على الزرع والنخلة

ستفني الرجالَ وتؤذي النساء

وتشقي أولي الفضلِ والمنة

فقد هيئتْ لقتالٍ يطول

على ذي العقال وذي العمة

وإني أسائلُ في حيرة

علام التناحرُ يا إخوتي؟

واسأل أين صاحبَ العقول

وأهلُ البصيرة والفطنة؟

وأين الألى يعشقَون العلا

وأين أولو العزم والنخوة؟

أمات الحكيمُ وتاه العليم

وعزَّ الزعيم أخو الهمة؟

وأبعد من هم لكم قادة

شيوخ التجارب والحكمة

أرى إخوتي خطرًا موحشا

سيوردكم موردَ الهلكة

سيلقي بكم في مهاوي الردى

مهاوي التشتّت والتيهة

وتغدون بعد المقام العزيز

علي مقعد الذل لا العزة

أأبناء دجلة اِنْهَضوا

نهوضَ الأُباة ذوي النجدة

ورُدُّوا إلى خصمكم كيدَه

بإفساد هاتيكم الخطة

وأحيوا الوفاءَ على أرضكم

وشيدوا الجسورَ إلى النهضة

ولا تركنوا يا بني أمتي

إلى مشعل النار والفتنة

ويا حبذا أن نرى جمعَكم

تُمسِك بالملة السمحة

وعاش لخدمةِ أوطانِه

وسار إلى المجدِ والرفعة

وأنشأ جسرَ وفاء قويا

على أُسُسُ الود والوحدة

وليس على مذهب طائفي

يقود البلادَ إلى النكسة

يقود إلى ذبح أبنائها

بسيف المذاهب والردة

بسيف الطوائفِ تلك التي

رمتْ بأذاها بني أمتي

رمتْهم بشر أليم لئيم

وهدّت قواعد للألفة

وأضحى العدُو بنا شامتا

يكاد يطير من الفرحة

ونحن نعُبَّ كؤوسَ الردى

كؤوس المذلة والحسرة.

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادى الأولى – جمادى الثانية 1428هـ = مايو – يوليو  2007م ، العـدد : 5–6 ، السنـة : 31.